بقلم الناشر رئيس التحرير : جاك خزمو
مصادر عليمة ومُطّلعة سربت مؤخراً معلومات عن أن الرئيس الاميركي دونالد ترامب يُعد لعقد مؤتمر خلال الصيف القادم تُشارك فيه دول عربية، ومن بينها دولة فلسطين، واسرائيل من أجل تطبيع العلاقات، والتعاون فيما بينها لمواجهة الارهاب، واجراء مفاوضات جادة للتوصل إلى اتفاق حول قضايا الحل النهائي المتنازع حولها!
هناك ترحيب لعقد هذا المؤتمر الشرق الأوسطي الاقليمي من دول عديدة لأنها تهاب أن تقول "لا" لأي اقتراح تقدمه ادارة الرئيس ترامب، ولأنها تريد وتسعى للحصول على رضى الادارة الاميركية الحالية، ولأنها تعتقد بأن العلاقات مع اسرائيل قد تساعدها في تجاوز العديد من مشاكلها وقضاياها الأمنية.
وحسب هذه المصادر، فان الجانب الفلسطيني في هذه المفاوضات قد يكون هامشياً، لأن المقصود في هذا المؤتمر هو التوصل الى حل ما يُفرض على القيادة الفلسطينية، وبالتالي تتم من خلاله تصفية القضية الفلسطينية كاملاً!
هناك جهود تبذل من أجل توطين الفلسطينيين في الدول التي تستضيفهم، مع منح تأشيرات هجرة لعدد كبير منهم، وهذه الخطوة خطيرة، لأنها تعني شطب حق العودة كاملاً!
اسرائيل لا تريد اقامة دولة فلسطينية مستقلة، بل دولة ممسوخة ضعيفة هزيلة، تكون السيادة الأمنية الكاملة لاسرائيل، وتكون معزولة السلاح، وتعترف بأن "اسرائيل" وطن قومي لليهود، مما يُعّد ذلك لتنفيذ مشاريع مصادرة بطاقات الهوية الزرقاء، والمواطنة في اسرائيل، من اخواننا داخل الخط الاخضر.
تقول بعض الاقتراحات بأن حل قضية اللاجئين تتم ايضاً بترحيل عدد كبير من الفلسطينيين الى الدولة الفلسطينية، وخاصة الى القطاع بعد ان تمنح مصر شريطاً على البحر الأبيض المتوسط لصالح هذه الدويلة الفسطينية! أي يكون الحل في القطاع على حساب الاراضي المصرية.
نسمع عن اقتراحات ومخططات، وكلها تهدف الى القضاء على القضية الفلسطينية بصورة هادئة و"مشروعة". وكل هذه الاقتراحات سترفض من قيادة شعبنا لانها لم ولن تحقق ولو جزءاً من الثوابت الفلسطينية، ولن تمنحنا كامل حقوقنا المشروعة غير القابلة للتصرف حسب المواثيق والمعاهدات الدولية!
هذه الاقتراحات يتم تداولها والحديث عنها في وسائل الاعلام، ولكنها لم تقدم للقيادة الفلسطينية، ولا للشعب الفلسطيني، مما يعني ذلك ان هناك حلولا تدرس، وقد تفرض على شعبنا بالقوة اذا لم نتدارك الأمر، ونوحد صفوفنا، ونكون مستعدين للتصدي لها!
اتصال الرئيس الاميركي دونالد ترامب بالرئيس الفلسطيني محمود عباس لا يعني ان الادارة الاميركية غيّرت من مواقفها، وانها ستوفر حلاً عادلاً! ويجب عدم الافراط في التفاؤل لان الادارة الاميركية لن تخدم الا حليفتها اسرائيل، ولن تقوم بأي عمل او نشاط سياسي الا بعد اخذ الموافقة الاسرائيلية عليه، وهي في الخلاصة في خدمة مصالح اسرائيل أولاً وأخيراً!
هناك معلومات مفادها ان الرئيس ترامب لن يحدد موعدا لزيارة الرئيس عباس لاميركا، للقاء به وبحث موضوع القضية الفلسطينية، الا بعد أن يقبل الرئيس عباس العودة الى طاولة المفاوضات دون أي شروط، إذ أن تجميد بناء مستوطنات خارج الكتل الاستيطانية الكبيرة يعتبر اميركيا هو تجميد للاستيطان. وستمارس ضغوط قوية على القيادة الفلسطينية لقبول هذا الاقتراح أو ذاك.. وستكون العلاقة مع ادارة ترامب صعبة ومعقدة وخطيرة!
انطلاقاً مما ذكر، فان المؤامرة على القضية الفلسطينية مستمرة، وهناك جهود للقضاء على ما تبقى من هذه القضية، وللاسف نحن في انقسام وتشرذم وضعف، كما أن عمقنا العربي ضعيف نتيجة انهماكه في قضايا ومشاكل عديدة فرضت عليه!
أمام هذا الوضع الصعب، فان علينا عدم الافراط في التفاؤل اذا اتصل الرئيس ترامب بالرئيس عباس، واذا قرر القادة العرب التمسك بالمبادرة العربية، لأن الأمور تتغير، ولأن المعطيات الدولية تؤكد ان لا ضمان لأي شيء.. والمواقف دائما تتغير وتتبدل، وخير اثبات على هذا التبدل ان الدول التي كانت تدعم الارهاب في سورية، تدعو إلى التصدي له الآن..
نحن أمام مرحلة صعبة خطيرة، قد يمارس ضد شعبنا ضغوطات كبيرة، ولكن علينا رص الصفوف وتوحيد المواقف.. علينا أن نكون واقعيين، ونرفض التفريط بأي شبر من الأرض الغالية، أو بأي حق، مهما كان صغيرا، من حقوقنا المشروعة.
علينا الصمود والصبر، وعلينا ان نكون واعين ومدركين لكل ما هو آت، وان نستعد له من دون افراط في التفاؤل، أو في التشاؤم أيضا!