تُعلن السلطات الاسرائيلية كل يوم عن مشروع جديد تود وترغب في تنفيذه في قدسنا العربية بحجة تطوير المدينة، وبهدف أساسي واحد ألا وهو تعزيز السيادة والهيمنة عليها.
ومن هذه المشاريع تطوير منطقة باب الجديد. وكذلك هناك مشاريع لبناء حديقة النبي داود في سلوان، وهناك مشاريع بناء وحدات سكنية في المستوطنات المقامة على أراضينا العربية في القدس.. الخ
ومقابل ذلك، فان مؤسسات القدس ترحل عنها الى مناطق الضفة الغربية، أو تنهار، والمواطن يعاني، وكذلك التاجر، ولا أحد يفعل شيئاً سوى اصدار بيانات شجب واستنكار وادانة لهذه الاجراءات. ويقول كل العرب أن "القدس في القلب"، ولكن على أرض الواقع هي على "الرف" من ناحية عملية وفعلية، وهي موضوع تجاري وسياسي يستفيد منه المتسلقون من متنفذين وغيرهم من الملتفين حولهم.
الكل يعرف أن الحرم القدسي الشريف في خطر، ولكن لا أحد يبالي أو يفعل شيئاً.. وكل انسان يعرف ان اسرائيل لن تتنازل عن القدس وتعتبرها جزءاً من دولة اسرائيل، وعاصمة أبدية لهذه الدولة العبرية. هم يخططون لسنوات طوال، وينفذون خططهم ومشاريعهم، ونحن نكتفي بالرد على ذلك باصدار بيانات خجولة مستنكرة لمثل هذه الاجراءات.
أين وصل حالنا؟ انه مأساوي في القدس. عدد الطلاب في المدارس التي هي تحت اشراف اسرائيلي وصل الى 70 بالمئة من مجموع طلاب المدينة، في حين أن عدد طلاب هذه المدارس لم يصل نسبته الا الى 3 بالمائة من مجموع طلاب المدينة. وقد تم فرض المنهاج العربي على هذه المدارس وكل المدارس في بداية احتلال المدينة، ولكن ها هي اسرائيل تعمل على تغيير المنهاج التعليمي، حتى ان عددا كبيرا من الطلبة بدأ اللجوء الى تقديم امتحان الثانوية العامة الاسرائيلي (البجروت)، وكذلك فان قطاع الصحة ذهب للاشراف الاسرائيلي الكامل. ولم يبق لنا مؤسسات سوى القليل منها، لأننا لم نفعل شيئاً لصمودها. فالوجود العربي السكاني هو الصامد فقط. وقد يتعرض الى اجراءات "تطفيش" واسعة، لان اسرائيل تريد الارض ولا تريد من يقطن فيها أو عليها.
هناك تقصير تجاه القدس، وتجاه القضية. وهناك تقصير ذاتي حتى ان بعض الدول لا تدافع عن قضاياها، اذ تخلّت عنها، وانشغلت في مؤامرات تهدف أولاً وأخيراً الى اضعاف العرب على الساحات الاقليمية والدولية، والى عدم استقرارهم! والاكثر عجباً ان هذه الدول تساهم في مؤامرات تستهدف عالمنا العربي، وتريد تدميره، ولا يعرف هؤلاء ان ما تعانيه سورية اليوم قد تعاني منه بقية الدول العربية نتيجة هذا التآمر والتخاذل بدلاً من الوقوف صفاً واحداً دفاعاً عن وطن عربي موحد.
انه لأمر محزن جداً ان نرى رئيس وزراء دولة اسرائيل يزور دول افريقية ويعقد لقاء قمة مع سبعة من زعماء افريقيا.. ونرى ايضاً ان غينيا، وبعد 49 عاماً من القطيعة السياسية، تعيد علاقاتها مع اسرائيل، ونرى ان رؤساء دول افريقية يزورون اسرائيل ويوجهون الدعوة لقادتها لزيارة بلادهم.
أين كنا وأين أصبحنا.. كنا نسيطر على افريقيا، واليوم فقدنا افريقيا، وفقدنا وجودنا على الساحة الدولية لان لدينا قادة ضعاف همهم الأول والأخير عروشهم وكراسيهم وكروشهم أيضاً، فلا يهتمون لا للمواطن ولا للوطن، فهم يخدمون من هم أعداء أمتنا.
إن العالم العربي بحاجة الى يقظة من سبات عميق.. يقظة من تخاذل مهين، يقظة من ضعف وانحطاط في الاخلاق، والى انطلاقة جديدة فعالة.
أين هي الجماهير العربية لتتحرك؟ واين هي القوى القومية والوطنية؟ ماذا تفعل هذه القوى من اجل اعادة الاعتبار لأمتنا العربية؟ المؤتمرات واللقاءات والندوات وورشات العمل والبيانات كلها لا تفيد اذا لم تكن مقرونة بعمل على الارض، عمل جاد فعّال له نتائجه المطلوبة والمأمولة!
أننا نطالب بصحوة عربية شاملة، صحوة للشعوب تطالب باعادة الاعتبار والاحترام لعالمنا العربي على مختلف الساحات، صحوة تواجه الظلم الذي تعانيه شعوبنا، صحوة عاجلة تتصدى لكل من يتآمر على أقطارنا العربية.
اذا بقي الحال على ما هو عليه الآن من ضعف وتخاذل، فاننا نقول ان مستقبل اجيالنا سيكون قاتماً وسيئاً.. فليعمل كل فرد على "أنهاض" امتنا العربية، ولننفض غبار الذل والعار عن الجسم العربي، ولنقل للعالم أننا موجودون، ومرحلة الضعف قد ولّت.
إنها أمنيات كل فرد منا في عالمنا العربي، وكل الأمل والرجاء في أن تتحقق في القريب العاجل جداً.