بعد خطاب الرئيس محمود عباس امام الجمعية العامة اواخر شهر ايلول المنصرم، أعلنت مفوضة الشؤون الخارجية للاتحاد الاوروبي فريدريكا موغيريني ان اللجنة الرباعية للسلام بين الجانبين الفلسطيني والاسرائيلي ستجتمع قريبا جداً، من اجل اعادة احياء عملية التفاوض. ولكن هذه اللجنة لم تجتمع الا بعد اكثر من ثلاثة اسابيع وفي فيينا، لان رئيس وزراء اسرائيل بنيامين نتنياهو رفض عقد اجتماع اللجنة في القدس، أو في المنطقة، بحجة الهبة الفلسطينية ضد الاحتلال. واجتمعت اللجنة، وماذا فعلت؟ لم تفعل شيئاً سوى عقد اجتماع، لتظهر أنها مهتمة بالوضع في منطقتنا، وانها معنية بالسلام الذي ما زلنا في انتظاره عشرات السنين، اي ان هذه اللجنة تضحك على نفسها قبل ان تضحك علينا، وتعطينا حقنة تخدير لتهدئة الوضع، وللايهام بان هناك بارقة امل في احياء مسيرة ماتت منذ مدة طويلة.
والغريب في الامر ان هذه اللجنة قائمة حتى اليوم، علماً أن دورها تمت مصادرته من قبل الادارة الاميركية. ولكن السؤال: هل اعضاء اللجنة الاربعة قادرون على تفعيل دورها، لربما يكون هناك تفعيل اذا تحركت روسيا، وحلّت مكان الادارة الاميركية في متابعة الملف، ولكن ليس في هذه الفترة، ولكن بعد القضاء على الارهاب في سورية والعراق وسيناء، أي ان اللجنة ستكون مشلولة العمل لعدة سنوات، وهذا ما تريده اسرائيل وتصفق له.
ولننظر الى الموقف الاوروبي تجاه الارهاب في سورية، فبدلاً من دعم القيادة الشرعية، نرى بعض القادة يهاجمون الدولة السورية، ومصممون على الاطاحة بالرئيس الشرعي الدكتور بشار الاسد، وما زالوا يدعمون ما يسمى بالمعارضة "المعتدلة" بالمال والعتاد، وما زالوا يظنون انهم هم الذين لهم الحق في تقرير مصير الشعب السوري!
والمؤلم ان اوروبا لم تتعلم بعد من نتائج تدخلها السافر في ليبيا، ألم تدمرها، ألم تجعل ليبيا قاعدة دولية للارهاب في منطقة الشرق الاوسط، ومن يدفع الثمن، اليس الشعب الليبي وحده.
والأكثر عجباً ان رئيس وزراء ايطاليا (سابقاً) برلسكوني زار ليبيا عدة شهور قبل الهجوم الجوي الارعن على ليبيا من اجل الاطاحة بالرئيس الراحل معمر القذافي، وقبّل يديه، وكذلك استقبل الرئيس الفرنسي السابق ساركوزي قبل عدة شهور من العدوان على ليبيا الرئيس القذافي في باريس، وقام القذافي بدعم حملته الانتخابية مالياً وساعده في الفوز لولاية ثانية.. هذان المسؤولان الرفيعان في الاتحاد الاوروبي انقلبوا على صديقهم، واطاحوا به باستخدام "الارهاب"، وها هو العالم يدرك ان اوروبا ارتكبت خطأً كبيراً في اسقاط رئيس كان صديقاً وفياً للقارة الاوروبية.. لقد ضحكوا على شعوبهم من خلال تبرير عدوانهم على ليبيا، ولكن ها هم يضحكون على انفسهم، وتضحك عليهم شعوبهم لانهم ارتكبوا خطيئة كبرى من الصعب الحصول على غفران لها!
وما حدث مع ليبيا، تتكرر صورته في سورية اذ ان الرئيس الفرنسي فرانسوا اولاند متحمس جدا جدا للاطاحة بالرئيس بشار الاسد ظناً منه ان سورية ما زالت تحت الانتداب الفرنسي البغيض. والرئيس الاميركي باراك اوباما وقع في نفس الخطأ الكبير، وقرر دعم "الارهاب".. وكأن هذا الارهاب سيحقق الديمقراطية والعدالة والحرية للشعب السوري علما ان الارهابيين يقترفون مجازر خسيسة جبانة بحق من يعارضهم، وها هي المجموعات الارهابية تتقاتل فيما بينها حول مناصب ومراكز وغنائم، هؤلاء الارهابيون ضد الحضارة والثقافة والديمقراطية والانسانية. هم يحاولون اعادة سورية الى قرون سابقة، ولكن هذه المؤامرة ما زالت تصطدم بصمود سوري قوي جبار نوعي تاريخي، لم ولن تسقط سورية، ولن يحقق الارهاب سوى هدفاً واحداً وهو تدمير البلاد، ولكن هذا الدمار سيعوض بخطة اعمار كبيرة وجبارة.
هؤلاء القادة لـ "المجتمع الدولي" يضحكون على انفسهم لانهم يعرفون ان ما يفكرون به ويمارسونه هو خطأ فظيع، وان دولهم عاجلا أم آجلاً ستكتوي بنار ارهاب هم يغذونه ويرعونه.
تصوروا ان السعودية التي تنعم بديمقراطية مزيفة غريبة عجيبة لا تسمح للمرأة بقيادة السيارات، وليس لديها برلمان.. والحكم ملكي وراثي، والشعب فقير ويعاني، تريد أن تساعد الشعب السوري في الحصول على الديمقراطية. اليس الافضل ان تحقق السعودية الحرية والديمقراطية لشعبها قبل الاهتمام بالشعوب الاخرى.
قطر تريد ديمقراطية للشعب السوري عبر الارهاب، وهي تعيش في ظل حكم اميري ديكتاتوري.. وانها تهدد بارسال قوات الى سورية لمواجهة التدخل الروسي لصالح الدولة السورية للقضاء على الارهاب، علما ان روسيا تستطيع تدمير قطر خلال دقائق معدودة! انهم يكذبون على انفسهم، ويضحكون على شعوبهم التي ستضحك عليهم، وتثور ضد هذا الكذب السياسي الذي يهدف الى تدمير عالمنا العربي، والسير في ركب الخنوع والركوع والاستسلام.
نقول لكل هؤلاء القادة "الدجالين": ان الشعوب ذكية، وتعرف ان تفرق بين الصدق والكذب، وان تعاقب هؤلاء المسؤولين على اخطائهم المقصودة التي هدفها المس بالسلم العالمي، وتحويل العالم الى غابة تسيطر عليها الوحوش الارهابية.
ونؤكد لهؤلاء القادة ان سورية ستنتصر عاجلاً أم آجلاً، وان الرئيس الاسد هو رمز سورية، وكذلك رمز المقاومة، ورمز لكل الشرفاء في العالم.. وان الشعب السوري هو الذي يقرر مصيره ويقول لهم: "حِلّوا عنا"، و"كفّوا شركم عنا".. ونحن نعرف ما نريد، ولن نصغي الى املاءاتكم ولا لاهوائكم! وسنتصدى بكل عزيمة لكل مؤامراتكم الدنيئة.