"الارهاب" يغزو أقطارنا العربية منذ سنوات، ويعيث في وطننا قتلاً وتدميرا وتشريداً وجرائم بشعة لم تخطر ببال أحد، وحتى لدى منتجي الافلام أو المسلسلات البوليسية الغامضة في هوليوود، وفي كل أنحاء العالم.. وهذا "الارهاب" كان وما زال مدعوما من دول تنتمي الى ما يسمى بـ "المجتمع الدولي"، وكان قادة هذا المجتمع الدولي، وفي وقت سابق، يعتبرون ويصفون عناصره وادواته بـ "الثوار"، أو بـ "المعارضة".. ومن لم يعمل ضد هذا الارهاب ويضع يده بيد المتصدين له، يواجه "الارهاب" هذه الايام ايضا.. ويعاني منه.
لقد دعت القيادة السورية مرات ومرات بضرورة عدم دعم الارهاب، لكن دول العالم لم تسمع لذلك، وها هو الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي يدعو الى تشكيل قوة عربية أو اقليمية للتصدي للارهاب في ليبيا، وفي سيناء، وفي العديد من اقطارنا العربية، ولكن هذه الدعوة لم يصغ اليها قادة عرب كثيرون لانهم يهابون من رد فعل الارهاب الذي دعموه، والذي قد يصب جام غضبه عليهم.
وها هو العراق، وبعد أن دمّره الاميركان عبر احتلاله عام 2003 يعاني من الارهاب الذي استولى على مساحة شاسعة من أراضيه الواقعة في شماله.. وانظروا الى ليبيا لتجدوا أنها مقسمة عمليا، وتواجه حرباً داخلية مؤلمة ومدمرة.. ولا أحد يعمل أي شيء لانقاذ ليبيا وغيرها من اقطارنا العربية من هذا الارهاب اللعين.
المرحلة الحالية صعبة، و"الارهاب" الذي نعاني منه له أهدافه، وهو مدعوم "دوليا"، وما زالت شوكته قوية رغم أن الجيش العربي السوري استطاع كسر العديد من أنيابه، وسحق قسماً كبيراً من قوته، وكذلك أبناء العراق يتصدون له، وعازمون على طرده من العراق ومن كل المنطقة. ولذلك فان العمل جار، وبصورة فردية، وليست جماعية، لمواجهة والتصدي لهذا الارهاب اللعين، وهذا العمل لا يكفي، بل انه يتطلب تضامنا أفضل وتعاوناً أكبر.
"الارهاب" يخدم اعداء العالم العربي، ويؤذي جميع أقطارنا العربية من دون استثناء، فهو يخدم أولاً وأخيراً مخططات غريبة عجيبة وخطيرة جدا.
وانطلاقاً مما ذكر سابقاً، فان القضاء على هذا الارهاب ممكن، وفي وقت قصير، من خلال تعاضد الدول التي تعاني منه، وفتح صفحة جديدة من العلاقات فيما بينها، اذ عليها تناسي الخلاف السياسي حول قضايا عديدة، والتفرغ لمواجهة خطر محدق بالجميع، ويستهدف الجميع، ويؤلم الجميع، ويدمر الجميع. فهو جاء ليقتل ويدّمر ويحرق ويعدم، حتى أن آثارنا تعرضت ايضا للتصفية من خلال الهدم والتدمير، وحضارتنا تتعرض للاساءة، اذ انه بدلاً من أن يحافظ عليها، نجد انها تتعرض للتشويه والاساءة.
لقد كان عالمنا العربي في السابق يتغنى بتضامنه وتعاونه، ولكن أعداءنا تدخلوا في شؤوننا، واستطاعوا الايقاع بين قادة اقطارنا العربية، فرحل وللأسف التضامن العربي، وذهب التعاون العربي المشترك، واصبحنا نتخذ قرارات موحدة ضد مصالحنا، وضد شعوبنا ارضاءً للسيد الاميركي في البيت الابيض في واشنطن.
لقد حان الوقت كي يفيق القادة العرب من نومهم "المغناطيسي" وان يصحوا، وان يعوا بأن عدم مواجهتهم للارهاب لا تعني انهم في "مأمن" منه، بل بالعكس فانه سيأكل الاخضر واليابس اذا لم يتم القضاء عليه في أسرع وقت ممكن.
كل منا يحن الى ايام زمان، ايام كان للعرب وجود وتأثير على الساحة الدولية، وكان العالم كله يحسب ألف حساب قبل اتخاذ اي خطوة قد تسيء الى أي قطر عربي.. فهل تعود هذه الايام في وقت قريب.. نأمل ذلك.. وكل ما نطلبه وندعو اليه هو تعاون أو تضامن لمواجهة الخطر المحدق بنا جميعا، الا وهو "الارهاب"، فهل يتحقق حلمنا، وتلبى دعوتنا ومناشدتنا لتعاضد بين القادة والشعوب في هذه المنطقة للتصدي للارهاب وسحقه قبل أن يدمرنا جميعا.
ومواجهة "الارهاب" لا تتضمن فقط قتاله ومبارزته في الميدان، بل تتطلب ايضاً أن تكون لدينا سياسة حاسمة وحازمة تجاه من يدعمه ويسانده ويموله بالسلاح والعتاد.. واذا شعر مناصرو "الارهاب" بانهم قد يواجهون قرارات واجراءات حاسمة بحقهم، فانهم سيضطرون لتجفيف منابع الدعم له.. اي ان علينا محاربة ومواجهة هذه الظاهرة البشعة، ظاهرة الارهاب، عسكريا وسياسيا معا.. ومن يتخاذل في ذلك فانه حتما سيندم، لان الارهاب سيطاله عاجلاً أم آجلاً ان لم يتم القضاء عليه الآن وقبل فوات الفرصة الحالية المؤاتية لذلك!