أقام الاعلام الاسرائيلي بضجة كبيرة خلال اليومين الماضيين حول تقرير مراقب الدولة العبرية القاضي يوسف شبيرا، والذي أدان فيه عائلة نتنياهو في تجاوز القانون، واستغلال المنصب لتشغيل عامل فني ناشط في حزب الليكود لصيانة منزلهما الصيفي في قيسارية.. وقيل أن النائب العام للدولة يهودا فاينشطاين يدرس التقرير لبحث امكانية تقديم رئيس الوزراء الاسرائيلي نتنياهو للاستجواب والتحقيق والمحاكمة.
جاءت هذه الضجة الاعلامية لاظهار أن هناك ديمقراطية ممارسة في اسرائيل، وان رأس الهرم يعاقب ويلاحق ويطارد قضائياً اذا تجاوز القانون.. أي أن هذا التقرير "دعاية" لاسرائيل. وقد يكون عاملاً مساعداً لنتنياهو اذ أن أنصاره سينشطون كثيراً لتأمين فوزه في الانتخابات وذلك دفاعاً عنه في وجه تقرير قد يتهم بأنه سياسي في وقت حساس جداً.
لا شك أن هناك فساداً في اسرائيل، وفي مؤسسات عديدة، وخاصة في مؤسسة الشرطة التي من المفروض أن تكون حامية ومطبقة للقانون، فعناصرها، وخاصة الضباط الكبار منهم، يرتكبون جنايات تحرش جنسي بحق زميلات لهم.. وان الدوائر المعنية تلاحق هذا الفساد وتتصدى له، وهذا التصدي ليس لصالح أحد سوى اسرائيل، اذ أن ملاحقة الفساد تعطي الانطباع والدعاية أن كل انسان هو تحت القانون.
ولكن وللأسف لا يعرف العالم أن هناك جريمة أكبر من كل جرائم الفساد والتحرش الجنسي ترتكب يومياً من دون ملاحقة واجراءات تتصدى لها، وهي جريمة التفرقة والتمييز العنصري. هذه الجريمة تستشري في اسرائيل اذ يتم الاعتداء على العرب مرات ومرات من دون اجراءات رادعة.. وهذه الاحداث والامور بحاجة الى ان يُقيم الاعلام الاسرائيلي ضجة حولها، ويطالب بانزال أقصى العقوبات بحق مرتكبها ولو كان كبيراً.
الديمقراطية الحقيقية تكمن في أن تتم معاملة جميع المواطنين بالمساواة وليس فقط بمحاربة الفساد.. وكل ما يثار عن الفساد فهو ضمن معارك حزبية سياسية داخلية، واما المواضيع الحساسة مثل سوء معاملة العرب فهي تؤكد ان لا ديمقراطية في اسرائيل الا لصالح عرق واحد فقط، فمكافحة التفرقة والتمييز أفضل كثيراً من ملاحقة رئيس الوزراء الاسرائيلي حول أمور ثانوية.
(أبو نكد)